اتصل بنا
 

حديث في الاستقلال 

نيسان ـ نشر في 2016-05-25 الساعة 22:27

الأردن يحتفل بعيد الاستقلال ويواجه التحديات والصعوبات على مدى عقود سبعة، ويتغلب عليها ليصبح مقصدًا للأشقاء العرب واللاجئين، ويتساءل البعض عن سر نجاحه، ويتحدث المقال عن مفهوم الاستقلال في العالم المفتوح الحالي وتحكم الشركات العالمية في الدول.
نيسان ـ

بمناسبة عيد الاستقلال ، الذي يصادف اليوم 25 أيار ، عادة ما تكون مناسبة للاحتفالات الرسمية والشعبية بهذه المناسبة واستذكار الانجازات التي تحققت وبناء الدولة على مدار عقود سبعة ، من تقدم ورفاه للمواطنين وبناء مؤسسات وطنية راسخة ، وما تحقق من استقرار ورخاء جعلها مقصدا للكثيرين من الاخوة العرب وعلى مدى عقود سابقة ولا يزال .

وخلال عمر الدولة الاردنية منذ الاستقلال عام 1946 استطاع الاردنيون بقيادتهم الهاشمية تجاوز الصعاب والمحن التي مرت بها المنطقة بدءا من اغتيال الملك المؤسس عبدالله الاول عام 1950 وتسلم الملك الحسين الحكم وسط معطيات اقليمية صعبة وظهور تحديات وتهديدات للدولة الاردنية من دول المنطقة وفي مقدمتها الكيان الصهيوني والاطماع في الاردن من قبل دول عربية ابان المد القومي والشيوعي التي حاولت اغتيال الدولة الاردنية وانهاء نظام الحكم فيها.

كما واجه الاردن محنا متوالية تمثلت بنكسة حزيران عام 1967 واحداث السبعين امتدادا الى تداعيات حرب الخليج الاولى والثانية والثالثة وآخرها احداث ما يسمى الربيع العربي عام 2011 علاوة على المصاعب الاقتصادية التي واجهها الاردن وارتفاع المديونية وموجه الغلاء التي اصبحت سيفا مسلطا على رقاب الاردنيين وما يجره من تبعات اقتصادية واجتماعية خطيرة .

ولكن رغم كل هذه المصاعب ومحدودية الامكانات وقلتها استطاع الاردنيون التغلب على هذه المصاعب والمحافظة على كيان الدولة الاردنية واستقلالها جعلها مقصدا للاجئين والمهجرين من دول الجوار التي لم تستطع رغم قوتها النسبية مقارنة مع الاردن من الاستمرار وسط عالم مستعر لا يعرف القيم والاخلاق واحترام سيادة الدول.

ولكن يتساءل البعض كيف كان للاردن هذا ؟

ويقودنا ايضا الى التساؤل ما هو مفهوم الاستقلال وماهيته هذه الايام ؟

لم يعد الاستقلال يحمل المفهوم التقليدي الذي يتناوله الكثيرون من استقلال القرار التام سياسيا واقتصاديا ، بل انه ولى الى غير رجعة وسط عالم مفتوح على مصراعيه في ظل وجود قوى دولية واقليمية لا بل شركات عالمية تسيطر على دول وتتحكم في قرارها ، فلا يوجد دولة تعيش وشعبها في جزيرة معزولة لا تتأثر بما يجري من حولها من احداث وصراعات.

وهنا تبرز حكمة الدول وقياداتها في قيادة دفة الدولة في ظل متغيرات محلية واقليمية ودولية وتسطيع التأسيس لمقومات البقاء والاستمرار بحيث لا تكون ضحية صراعات اقليمية ودولية لا تقوى عليها .

فعلى المستوى المحلي يعد من اهم مقومات المحافظة على استقلال الدول واستقرارها واستمرارها هو احترام حقوق الانسان وكرامته وحرياته الاساسية واشراكه في صنع القرار ليتحمل المسؤولية فلم يعد بالامكان بالدول الحديثة ممارسة الاستبداد والتحكم في القرار وإلا فان الدولة مهددة بالسقوط .

كما ان الدولة مطالبة ببناء جيش وطني يجمع جميع ابناء الوطن حوله ومنظومة امنية محكمة تضمن الامن والاستقرار وذات حرفية عالية.

وعلى المستوى الاقليمي فان الدولة مطالبة بالمحافظة على علاقات متوازنة مع دول الجوار والاقليم بما يتناسب مع مصالحها ويحافظ عليها بعيدا عن القرارات والعلاقات العاطفية والبحث دائما عن القواسم المشتركة لتحقيق مصالح الدولة والشعب والعمل على تجاوز الخلافات بالحوار ما امكن.

اما على المستوى الدولي فان الدولة مطالبة ببناء شراكات وتحالفات الدول المؤثرة في العالم بما يحافظ على مصالحها وبقائها ، مع الاقرار ان بناء هذه التحالفات والشراكات لا بد ان تتطلب تنازلات معينة وتنفيذ برامج واجندة ولكنها ضرورية للاستمرار والبقاء .

وضمن هذه الابعاد والمعطيات يمكن فهم معنى الاستقلال وعلى اساسه نقرر ونحدد مستوى الانجاز ومعاني الاستقلال ودرجاته ، في حين ان الحديث عن الاستقلال بعيدا عن هذه المعطيات والمؤثرات وتجاهلها تعد ضربا من الجهل وغياب الافق وعدم معرفة بالمتغيرات الهائلة التي حدثت في العقود والسنوات الاخيرة .

ومع هذا فان اسلوب السلطة في ادارة الدولة داخليا وخارجيا دائما تكون محل خلاف وتتعدد الاجتهادات والآراء حيالها من حيث التوجه بهذا الاتجاه او ذاك وهنا يكون الفيصل في هذه الحوارات والخلافات في اساليب ادارة الدولة يكون صندوق الاقتراع الذي يحدد وجهة الدولة واساليب ادارتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

الصحفي جمال البواريد

نيسان ـ نشر في 2016-05-25 الساعة 22:27


رأي: الصحفي جمال البواريد

الكلمات الأكثر بحثاً